Saturday, August 28, 2021

خواطر 138 شارع 7، بروكلين، نيويورك

عُدت لتوّى من الخارج، شوارع نيويورك لا تتوقف عن البُكاء اليوم، تسلل الماء إلى داخل حذائى الرياضى و تغلغل بداخل جوربى ما أضفى شعورًا سمجًا لاكتئابى الوجودى المُزمِن. تجلس امرأة شقراء جميلة بجانبى دون أن تُلقى أى نظرة ريبة أو توجُس إزاء ذلك الغريب ذو الملامح الشرق أوسطية البارزة، أشعُر بدفء تتبعه زفرة ارتياح الغريب الذى تفادى لتوه تنويه آخر لحقيقة كونه غريب. الارتياح متبوع بانتعاشة لأمل الشفاء من داء العشق الجديد الذى أصاب الغريب. الملامح الأوروبية البيضاء تجد طريقها بسهولة إلى قلوبنا نحن أبناء الشمس. عشرون دقيقة. أتحسس طُرقات بروكلين لمسكنى الجديد. تسألنى إحداهُن عن شارع بيدفورد، أُجيبها بأنى ضالٌ يبحث عن نفس ضالتها، تسأل آخر، يجيبها، أتطفل على حديثهما، فأعرف طريقى أنا الآخر. ها هو ذا، ١٣٨ شارع ٧. أتكتك الأرقام السرية الأربعة لأدخل البناية ذات الطابقين.

* أيها السادة، من المعلوم بالضرورة أنّى هوم-سيك و أنّى أحن لتراب الوطن حيثُ الأهل و السكن و الشاورما و كبدة الشرقاوى و السحلب فى الشتاء و السواقة على الدائرى و تذاكر أوركسترا القاهرة السيمفونى أم 35 جنيه و السوشيال سيركل طبعًا.

*ما حدث خلال الأربعة أشهر إلا ستة أيام المُنصرمة أن تأكد لىّ ادعائى بأنّى "مصرى فشخ". لا أعرف إن كان ذلك لسوء الحظ أو لحسنه و لكنه مثل أشياء كثيرة نُخالطها فى هذه الحياة: ايتس جاست وات ايت ايز، أو بعاميتنا المصرية الأبهى بين اللهجات العربيةـ هى كدة!

*يبدو أن نيويورك سيتى هى الإجابة إذا ما تعيّن على المرء أن يحيا لمزيد من الوقت فى هذه الأرض الجديدة حيث المال الوفير الأخضر و المُزز الطرية ناصعة البياض. قولّى ليه بقى؟ أقولك ليه...

ليس كما قد يتخيل البعض أن علّةَ طيبِ العيش هُنا هى صخب ويليامسبيرج أو مجون الايست فيليدج أو حتى خفة ظل بائعات الهوى و سماتهُن البيولوجية مُنقطعة النظير. ليست أيضًا تآلُف شوارع مدخل العالم الجديد و مرفأه الأول و امتناعها عن النوم فيما يُدغدغ ثقافتك الحضرية و أنت ابنُ أعرق بلاد المتوسط. لا، ليس هذا، أو بالأحرى ليس هذا فحسب.

مكمن العلة- أيُها السادة- هو الحضور المصرى الطاغى فى هذه المدينة. للمرة الأولى منذ ما يجاوز المائة يوم أستطيع أن أقفش شطائر الشاورما يوميًا  لأبدأ أو أنهى بها منتصف ليلتى. أمشى فى شوارع نيويورك المتسخة متنقلًا بين محطات قطارات نيويورك الأكثر قذارة فى كثير من الأحيان من محطة مترو المرج. أنهى رحلتى مُمسكًا بالـ"جى-بى-إس" ليُرشدنى إلى 138 شارع 7 فى بروكلين حيث أجد صديقى (إمام)، البائع على عربة الهوت دوج، مُدويًا صوت سيارته بالمهرجان الأشهر: مفيش صاحب يتصاحب، فى إشارة قوية لأنه "إحنا جامدين قوى".

Sunday, February 4, 2018

s.c.r.e.w.e.d.

I, honestly, am so screwed.



Today I was driving by, when I saw someone resembling you. I really would like to believe it wasn’t you, because, otherwise, it would be unbearably hard trying to forgive myself for not pulling over to see your face once again, after direly long 18 month. I wouldn’t have said much, or anything for that matter. I was going to be content by just smiling and maybe just wishing you a good day. My smile and look will tell it all, so sufficiently that words would be a waste of time dedicated to peacefully contemplating your soul.







Monday, October 30, 2017

من أوراق أيلول - 2

من كلمات (يا مسهرنى) لأم كلثوم،

(إهداء إلى من أثارت فكرة أكبر إعصار عاطفى يعصف بكيانى إلي الآن)

***

ماخطرتش على بالك يوم تسال عني 
وعنيا مجافيها النوم .. النوم يا مسهرني 


انا قلبي بيسالني .. ايه غير احواله 
ويقولي بقا يعني .. يعني ماخطرتش على باله 


امال غلاوه حبك فين .. وفين حنان قلبه عليا 
وفين حلاوه قربك فين .. فين الوداد والحنيه 

يا نسيني وانت على بالي 
وخيالك ما يفارق عيني 

ريحني واعطف على حالي 
وارحمني من كتر ظنوني 


لا عنيا بيهواها النوم 
ولا بخطر على بالك يوم 
تسال عني .. 
يااااااااااا يا مسهرني 


اسال عن اللي يقضي الليل 
بين الامل وبين الذكرى 
يصبر القلب المشغول ويقوله نتقابل بكرا 
وبكرا يفوت وبعده يفوت 
ولا كلمه ولا مرسال 
وهو العمر فيه كم يوم 
وانا بعدك علي طال 


يا مسهر النوم بعنيا 
سهرت افكاري وياك 
الصبر ده دا مش باديا 
والشوق واخدني في بحر هواك هواك 

اقل لروحي انا ذنبي ايه 
يقولي قلبي حلمك عليه 
مصيره بكرا يعطف علينا 
ونبقى نعرف هجرنا ليه .. ليه ليه هجرنا ليه 
هجرنا ليه .. هجرنا ليه .. هجرنا ليه

تعال خلي نسيم الليل على جناح الشوق يسري

الهجر طال والصبر قليل والعمر ايامه بتجري

طالت الايام تعال لي قوام انا عندي كلام بدي اقوله لك

انا عندي عندي كلام وفقلبي هيام اوصفهولك

ونعيش ايام ولا في الاحلام


Monday, July 3, 2017

ألف ليلة و ليلة

بتاع نُص قصص ألف ليلة و ليلة مثلًا بتبدأ بعيل لسة مولود وأبوه و أمه بيجيبوله حد يقراله الطالع و كل القصص نفس الاصطمبة: الواد ده هيبقى كويس و جامد فشخ و الزهر هيلعب معاه بس هيمر بمحنة كبيرة عندما يكون عمره خمناشر تمناشر سنة و لو نجا منها هيعدى و الزهر هيلعب.

أنا حاسس إنى فى دين أم المرحلة ديه فشخ 😣

داخل فى بتاع ٣ سنين (ما يقرب من الألف ليلة فعلًا و تحديدًا بدايةً من أكتوبر ٢٠١٥ و حتى سبتمبر من ٢٠١٨ على أفضل تقدير) من عبث الأقدار و الاختبارات الصعبة و محفزات النضج السريع التى لم أختر أن أنغمس بها، و لكنّا لا نختار أقدارنا و إنما تختارنا هى. 

بالرغم من شعوري بالإنهاك الشديد، إلّا أننى أعى تمامًا أننى سأنجو و أستمر و ألعلع بعدها كمان إن كان فى العُمر بقية؛ و على رأي سيدنا نيتشه: اللي ما هيموتنيش، ميكس مى سترونجر😎.


Friday, June 23, 2017

توابع أيلول - ١


استقر بىّ و بنفسى الحال على أن نشدو بعضًا من أبياتٍ يسوقها القدر إلى أناملنا لنسلو بها مُهجتنا استعانةً على ما جرى و ما كان و ما بدا أنه ذهب و لن يحل محله؛ فنتغنى من الألم بدلًا من أن نعيث فسادًا لنحطُم العالم من حولنا :') 


وإليكُم بعضًا من هذا الغِناء:

حزن يغتالني
 وهم يقتلني 
وظلم حبيب يعذّبني 
آه! ما هذه الحياة 
التي كلّها آلام لا تنتهي 
وجروح لا تنبري 
ودموع من العيون تجري 
جرحت خدّي 
أرّقت مضجعي 
وسلبت نومي 
آه يا قلبي 
يا لك من صبور 
على الحبيب لا تجور 
رُغم ظلمه الكثير 
وجرحه الكبير 
الذي لا يندمل ولا يزول 
ما زلت تحبه 
رغم كل الشّرور 
ما زلت تعشقه 
رغم الجور والفجور 
ما زلت تحنّ إليه 
رغم ما فيه من غرور 
قلبي، ويحك قلبي 
إلى متى، إلى متى؟؟ 
أخبرني بالله عليك 
إلى متى؟؟ 
هذا الصّبر وهذا الجَلَد والتّحمل 
إلى متى هذا السّهر والتّأمل؟ 
إلى متى هذه المعاناة والتّذلل؟ 
كُفَّ عن هذا، كُفّ 
فاكره كما كرهت 
واهجر ما هجرت 
وعذّب كما عذّبت 
واظلم كما ظلمت 
واجرح كما جرحت 
فلقد عانيت كثيراً 
وصبرت كثيراً وكثيراً على حبيب لا يعرف 
للحبّ معنى 
أما آن لك يا قلبي أن توقف كل هذا؟ 
فبالله عليك يا قلبي 
كُفّ! 

- نزار قبّانى

Sunday, May 21, 2017

الحكمة الكامنة فى التقاليد - ١

بمرور الأيام و تقلُب حوادث الدهر نوائب القدر، يزداد تسامحى تجاه العادات و اعتناقى للتقاليد بحكم كونها دليل جيد لمواجهة المُشكلات الحياتية المعتادة منذ عصر إنسان  الكهف إلى عصرنا هذا، و ذلك تطبيقًا لحكمة أحمد شرف الدين الشهيرة:

There is some timeless wisdom in tradition


آخر هذه التقاليد اللى أنا بدأت أقدرها منذ اغترابى لفترة ليست قصيرة نسبيًا السنة اللى فاتت هى قيمة العائلة. الدم أهم و أبقى الروابط بين البنى آدمين (و حتى الحيوانات ببعضها)، و مهما تعمقت الصداقة بأحدهم، فيظل القريب أهم و أفضل و فى درجة أعلى من الصديق المفروض يعنى. و عشان كدة لما اتنين يبقوا قريبين جدًا بيسعوا قدر الإمكان لتوثيق ده بالجواز.. سواء بالمعنى التقليدى بتاع الناس اللى بيجوزوا ولادهم لبعض عشان يوثّقوا علاقتهم برباط الحواز أو حتى بمعنى أروش شوية و هو إن الجواز عن حُب ما هو إلا إنك بتتجوز أكتر واحدة صاحبتك و بتستريح معاها. و ده لأن الجواز هو حرفيًا اختلاط للدم و الجينات بشكل أساسى.


التقليد الآخر، و هو ذو صلة بعض الشىء بأفكارى حول العائلة، هو أنه تمن الخيانة هو إراقة الدم. و إذا فكرت فيها هتلاقى الموضوع منطقى، خيانة رابطة الدم ليس لها سوى ازهاقه. و على قد ما ده يبدو حل راديكالى و قديم، و لكن هو ده الصح: الخاين يموت (نُقطة)





Thursday, May 11, 2017

من هو الصديق؟

في إطار الرؤية الشاملة لوجودنا الاجتماعي كسلسلة من التفاعلات يحكمها بالشكل الأول و الأساسى إرادتنا الشوبنهاورية -إذا جاز التعبير- من أجل الحياة، و المُنبثقة علميًا من غريزة التطوُّر المغروسة فى كافة أشكال الحياة؛ و التى تنعكس على جُل أنساقنا الاجتماعية التى نبتنيها سعيًا وراء مزيد من السعادة– التى هى فى حقيقتها (بتجرُد) موفورية كافة أسباب تحقيق الإرادة... فقد تبلور فى أذهاننا معنًى راسخ لمن هو الصديق، أو بالأحرى كيف يمكن لنا أن نطلق على أحدهم "صديقًا".  

باختصار، حيث لا يسعفنى الوقت أن أُطيلَ بما يتسق مع تحيُزاتى الفيلولوجية، فتتلخص رؤيتنا للصديق فى أنه كل من يتقدم ليمد يد العون لتحقيق إرادتنا للحياة، وذلك- طبعًا- بما لا يصطدم بشكلٍ مُباشر مع إرادتهم هم أنفسهم لحيواتهم. الصديق هو ذلك المُنافس على الموارد و الثروات بالدرجة الأولى و الذى قرر أنه لا يزعجه أن يتنحى جانبًا عن تنازعه معنا عليها ليتقاسمها معنا بدلًا من ذلك. 

للتوضيح، نلجأ للتمثيل:

فى مرتبة الصداقة الأولى يقبع كُل من اختلطت جيناتنا بجيناته فى نسلٍ مُشترك، حيث يضحى من المُحتّم أن نرعى و نوفر كافة سُبل إنعاش و تغذية الحياة المُمتدة لصديقنا ذلك من خلال نسله المُمتد، الذى هو نسلُنا أيضًا. 

بعد ذلك تأتى العائلة و كل من نتشارك معهم دمائنا بشكلٍ مُعتبر. و من هُنا أتى التصنيف الراسخ فى دوائر علوم الأنساب حول أقارب الدرجات المُختلفة من الأولى و حتى الرابعة وأكثر من ذلك إذا أحببت.

مثالانا السابقان يبدوان بديهيين، و هذا طرحٌ وجيه، فلم نكتب فى ليلتنا هذه لنُحدثّ الناس بأن أقربهم إليكم مَن هم مِن نفسِ دمائكم، و إنّما نسطُر ما قد يعيننا على تصنيف الغُرباء:
ما دفعنى لأكتُب مكتوبى هذا استرجاعى لأذكار مضت و أناسٌ قد عرفت، جرى بيننا ما جرى و بقى ما بقى، و إذ كنت أتفكر من ليلتى بهذه الحوادث وجدتنى وقد شَبح بخاطرى ما دفعتُ به يومًا المرأة ذات الرداء الرَحب إذ أخبرتُها مُشتاطًا متوعدًا بشكوكى فى خِصام إحداهُن و نكرانها لسابق عهد ذى ودٍ بيننا:

- لا تغضب، و اعذُرها فى أمرها، فهى صديقتك.
= ليست لى بصديق.
- و كيف ذلك؟ أهل إذا رأيتها صُدفةً فى طريق تخضب فى الدماء قد آذاها أحدهُم، أولا تهرُع لنجدتِها؟
=... بلى.    

رغم كل ما قد يطفو على سطح علاقتنا بأصدقائنا و من ارتضيناهم حلفاءٌ لنا فوق حلبة التطوُر، يبقى هذا الاختبار- حيثُ يطُل طيف الموت نفسه برأسه- إن صحَّ (و معقودًا فى اتجاهيه) أقلَ مؤشراتنا عطبًا و أكثرَها خلوًا من الدراما.