Sunday, October 4, 2015

Sexostentialism: حول وساخة الخيار الوجودى و دور المرأة


 بعكس ما قد يعتقده البعض من أن المصدر الرئيسى لإشعال الأزمة الوجودية بداخل موجود من الموجودات هو الوجود نفسه، إلا أن الشواهد تكاد تنفى ذلك نفيًا مُطلقًا، بل و تُشير بأصابع الاتهام إلى مُتهم بعينه. لا أظنّى سمعت قبل ذلك عن حمار أقدم على الانتحار بسبب استحالة فهمه لمغزى كينوته، ولا أظن أحدًا قد قرأ فى جريدة عن قرد مُصاب باكتئاب وجودى جراء إدراكه لخواء المعنى، و لا أظنُنا سمعنا أن بطريقًا اعتزل حياته فى صحراء سيبيريا بعدما شعر بعبثية انخراطه فى بحث مُرهق و مُميت أحيانًا عن أقوات من السمك له و لأفراد جماعته. على الأرجح، لم، و ربما أيضًا لن، يسمع أحد منًا- نحن معشر الموجودات البشرية- بشىء من هذا القبيل. إلّا أنه من الوارد أن تسمع بحوادث مُشابهة بيننا نحن، بين أفراد الهوموسابينز البؤساء.

ينبع بؤسنا هذا من حقيقة تفضيل التطور لنا. لا أعلم إذا كنتُ قد أصبت فى اختيار الكلمة المُعبرة عما يجول بصدرى حينما كتبت "تفضيل"، ربما كان من الأفضل أن أكتب "تنكيل". تمثّل التنكيل فى اختيار أسلافنا بطريقة عشوائية عبثية- نتاج تراكم سلسلة من الطفرات الجينية- أسفرت فى نهايتها عن التلافيف المُخيّة الأكبر حجمًا وسط رتبة الإنسان من الرئيسيات جمعاء (القردة و الشمبانزى و الغوريلات و ما شابه). لحسن الحظ، لم ينهج التطور القسوة المُفرطة فى تعامله مع أعضاء فصيلتنا الأوائل؛ و إنما تحلى بقدر غير مفهوم من المروءة التى عادة ما يظهرها بعض الجلادين لضحاياهم دون إبداء أى مُبررات؛ فبجانب المُخ الأكبر، حبانا التطور بالقضيب الأكبر-- عضو الحُب الأعظم حجمًا من وسط كُل القردة!

العقل.. العقل القابع وراء تلافيف دماغك بداخل رأسك هوالجانى، هو الشر المستطير الذى يقضي على جُل ما قد تجنيه من سعادة فى حياتك الضئيلة المُتناهية.. هو الذى يُؤرقك بأسئلة لا طائل منها حول المغزى و المعنى و القيمة.. هو الذى يحيك المؤامرات حول سلامك النفسى.. و يُغريك بأن تقرأ و تكتُب و تنطق و تتحذلق.. هو الذى لا يمّل مُحاولة إغوائك دائمًا و أبدًا بأن تكفر بما أبقى على آبائك و أجدادك فى هذه الحياة. العقل هو القاتل-- القاتل لكل محاولة لإيقاف أو حتى تلطيف مُعاناة أن تحيا حياةً منتهية فى عالم سخيف فاقد للمعنى.  

فى حديث صحيح-  يُعد فى رأيى من أصدق دلائل النبوة إن لم يكن أصدقها مُنفردًا- عن رسول الإسلام، نجده يقول: "تداووا عباد الله، فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل معه شفاء إلا السأم و الهرم". وهو الحديث المشابه تمامًا- فى سياقنا هذا- لما قاله فتى الوجودية المُدلل، ألبير كامو عن أن المرأة هى كُل ما نعرفه عن الجنة فى هذه الدُنيا. قد تبدو محاولة الربط بين الاقتباسين عسيرة بعض الشىء، ولكن بالنظر لما سلف ذكره من حقائق بيولوجية عن فصيلتنا البائسة، يمكننا إيجاد الرابط بين مُحمد و كامو بسهولة شديدة: إذا كان داء البشرية الأعظم و سر تعاستها و سعادتها فى ذات الوقت هو المُخ البشرى الضخم الذى يتيح لنا حُرية الاختيار و ما تستجلبه من كرب وجودى، فإن الله أو التطور أو حتى أحمد التبّاع أو كيف شئت أن تسميه قد كان رحيمًا بنا حينما جعل مع هذا المخ الضخم الدواء الناجع له متجسدًا فى القضيب الضخم، ومن ثم المرأة؛ فلا معنى لقضيب بلا امرأة. هذا القضيب الضخيم هو الذى يستطيع وحده و بكفاءة أن يسلبك عبء الاختيار وما يتبعه من ألم وجودى.

فى ظل رحلة البحث المُقدسة وجوديًا عن المرأة، و هى الرحلة التى لا يستطيع- لحُسن الحظ- أن يهرب منها المرء بالنظر لحجم قضيبه ومن ثم التستوستيرون المستشرى فى جسده الفانى-، يجد الإنسان أفضل مُلهاة لعقله الخبيث عن إيذائه وتكدير سلامه الوجودى. وما الجنة إلا سلامًا وجوديًا؟ وما الجنة إلا المعنى؟ وما الجنة إلا حياة غير خاوية على عروشها؟- ألا فلصدقت يا رسول الله! ألا فلصدقت يا كاميو!