أضحى من المُتعارف عليه فى الأوساط القريبة من العبدلله تقديرى لمُحمد حسنين هيكل. أضحى الرجُل محطًا لإعجابى ليس فقط كونه صحفيًا نابغًا، ولا إدارىًا مرموقًا، أو حتى مُثقفًا مصرىًا عربيًا من طرازٍ رفيع؛ و إنما كونه و بلا مُنازع مُفكرَ القومية العربية الأبرز فى النصف الثانى من القرن الماضِ، بل و حتى أبرز ساستها و مُنظري فلسفة القوة لعالمنا الناشىء كثير التحديات و المصاعب و الأعداء.
هذا و فى إطار المشروع الأكبر الذى أتبناه فكريًا و أبعد من ذلك إلى حيث السياسة و القوة، فقد شغّل الرجُل- ولازال يشغل- جزءًا ليس بالضئيل من عالمى الملعون بكبواتِه الوجودية مُيسرًا بجميل فكره ما قد يطرأ على هذا العالم من ملل راديكالى قد يُفقد الإنسان إرادة الحياة المُحركة لكُل ما حوله- و من ثم فقد وجب التعليق على كثير من ما يستحق المُلاحظة فى ما يقوله الرجُل، و إليكُم أولى هذه المُلاحظات:
فى هذه الحلقة يتحدث هيكل عن الفارق بين الواقعية و التسليم بالواقع فى إطار مجموعة حلقات حول مؤامرة حرب السويس على مصر. ما أثار انتباهى بشكل قد نزل بنفسى منزلة تهواها أن الرجُل يتحدث عن أنطونى إيدن، رئيس الوزراء البريطانى آنذاك و المُحرِّك الأكبر للحملة على مصر فى حينها، و كأن بينهما عداوة شخصية و ليس فى إطار ما قد تظنه من صحفى و مُحلل و مُفكر يتناول تاريخ قضية حرب و أمن قومى. بدا لى- وأظنّى لا أُبالغ- أن هيكل (وليس عبد الناصر) هو من كان يجلس قُبالة إيدن حول رُقعة شطرنج حرب السويس، و سُرعان ما تسرّب إلىّ وصف النبيه عمرو عادلى للأُستاذ من حيث كونه حلم المثقف العربى الذى اقترب من االسُلطة و شكّل وجدان أمته بنحته وجدان السُلطة ذاتها لاعبًا بذلك دورًا محوريًا أن لم يكن الدور الأكثر محورية فى تحديد مصائر أمتنا فى فترة ليست بالضئيلة من الزمن.
انتهى تعليقى الأول و بانتهائه وجدتُ نفسى أبحث عن خاتمة تليق بمدونتى الأثيرة، فلم أجد سوى بعض كلمات الرثاء المأثورة كى أرثى بها الرجُل الذى أتطلع إليه كثيرًا، و حينها لم يسع ذهنى سوى أن يتسرب إليه مشهد من إحدى أفلام الدرجة الثانية فى مصر (الحاسة السابعة) حيثُ يخاطب أحد الصغار الشخصية الرئيسية فى الفيلم- لاعب الكونج فو أحمد الفيشاوى: "نفسى أبقى زيّك."